بقلم/ محمد جبار البديري
كثيرة هي الاحداث التي مرت على العراق طوال تاريخه المعاصر والحديث، منها ما كانت احداثا مفصلية غيرت مسار التاريخ بدرجة كبيرة، وتغير معها الوضع العام للبلد، ولعل من اهم هذه الاحداث القريبة التي حصلت، هو "الانقلاب" لو صح التعبير على المالكي من قبل اقرب المقربين منه، الا وهو الدكتور حيدر العبادي.
كثيرة هي الاحداث التي مرت على العراق طوال تاريخه المعاصر والحديث، منها ما كانت احداثا مفصلية غيرت مسار التاريخ بدرجة كبيرة، وتغير معها الوضع العام للبلد، ولعل من اهم هذه الاحداث القريبة التي حصلت، هو "الانقلاب" لو صح التعبير على المالكي من قبل اقرب المقربين منه، الا وهو الدكتور حيدر العبادي.
الكل يعلم ان العبادي كان من اشد المخلصين للمالكي، وكان في كل اللقاءات والتصريحات الاعلامية التي كنت اسمعها واتابعها منه، كان يقول انه المرشح الوحيد والاوحد لحزب الدعوة دون منازع.
الا ان هناك ما وراء الكواليس من امور ونوايا كانت خافية على الكثير من المراقبين، ان الرجل وان اظهر الولاء والطاعة والاخلاص، ولكنه كان يستبطن انقلابا داخليا عليه ويتحين الفرص لتنفيذه بالتعاون مع عدد من الذين يبادلونه الرأي او الذين سأموا من تفرد المالكي بكونه الزعيم الاوحد.
ولقد اشتدت هذه النية والعزيمة، بعد حصول ازمة اختيار رئيس الوزراء بعد انتخابات عام 2014 والتي افرزت فوز قائمة دولة القانون بنتيجة كبيرة جدا مقارنة بالاخرين، وحصول المالكي على اكثر من 700 الف صوت لوحده في بغداد.
الا ان الرفض والمعارضة لترشيح المالكي لولاية ثالثة كانت عنيفة جدا واتخذت العديد من الاشكال والممارسات والتهديدات بشكل غير مسبوق، الى درجة يمكننا القول، انه لم تبقى اية جهة سياسية او حزبية مؤيدة لترشيحه، سواء كانوا الاكراد او السنة او التيار الصدري بل وحتى غالبية الاحزاب الشيعية وقسم كبير من حزب الدعوة سرا.
وازاء هذه التحديات، كان لابد لحيدر العبادي ان يقوم بدوره الذي يعتقد انه صحيح ويخرج البلد من عنق الزجاجة التي وضعت فيه، فحصل ما حصل، وتم اختيار العبادي بديلا عن المالكي، في ظروف معروفة سابقا، ولا تحتاج الى تفاصيل.
ولكن ما يهمنا قوله، ان العبادي كان يستبطن سرا هذه المحالة منذ فترة طويلة، ولدينا الكثير من الادلة والبراهين على ذلك، كوننا اعلاميين ومقربين من المشهد السياسي، وعلى احتكاك متواصل معهم، سواء من خلال التصريحات او اللقاءات او ما يقال وراء الكواليس.
في احدى اللقاءات التي اجرتها احدى الصحف ومنها صحيفة (البينة الجديدة) ايام اشتداد ازمة اختيار رئيس الوزراء، سال محرر الصحيفة العبادي هذا السؤال التالي:
• من هو مرشحكم لمنصب رئاسة الوزراء وهل هناك بديلا عنه؟
فاجاب الدكتور العبادي بالقول:
- ان مرشحنا الوحيد والاوحد نحن دولة القانون هو المالكي، ولا يوجد اي بديلا عنه في هذه المرحلة.
وبعد ذلك سأله المحرر، وماذا لو استمر الرفض لتوليه الولاية الثالثة واصرارهم على تغييره؟... وهنا توقف العبادي عن الجواب لفترة طويلة ولم ينبس ببنت شفة.
وبعد لحظات حرجة وحساسة مر العبادي، والتي كان فيها يخير نفسه بين امرين لا ثالث لهما، اما المضي بترشيح المالكي، او السكوت.
الا انه فضل التكلم، وصرح تصريحا لم يتكلم به سابقا ابدا، بل وتغيرت نبرة كلامه واظهر ما كان يستبطنه لفترة طويلة، حيث قال:
- صحيح ان المالكي هو مرشحنا الوحيد، ولكننا لا نريد ان نحرق البلاد وندمرها ونخربها من اجل شخصية معينة، وسوف نسعى الى ايجاد الحلول والوسائل المناسبة لذلك... الخ.
وهنا نتوقف لبرهة ونتسائل: اين كان هذا الكلام، ولماذا كل هذا الاصرار سابقا على المالكي، ولماذا لم يتطرق الاعلام لمثل هذا التصريح الخطير حينها، ولكن الاعلامي الحقيقي والصحافة الاستقصائية هي من تقوم بالبحث والتحري عن المعلومة بين الاسطر.
اننا هنا لسنا في موقف المنتقد لهذا الموقف من قبل العبادي، بل ربما كان تصرفه مناسبا وانقذ البلاد من كارثة سياسية كادت ان تؤدي الى مخاطر جمة، خصوصا مع اشتداد الهجمة الارهابية ودخول الدواعش للموصل.
ولكن هي مجرد حقائق يجب ان تذكر للتاريخ، وعلى القارئ والمتتبع ان يستنتج ويعرف ما وراء الكواليس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق